الكتابه في الفيزياء
س67\ص38
كان الإنسان في الماضي يعتبر أن الضوء ينتقل لحظيا بسبب سرعته العظيمة. ثم أوضح أوول رومر عام 1676 أن للضوء سرعة محدودة بدراسة الحركة الظاهرية لقمر المشتري أيو. في عام 1865 اقترح ماكسويل بأن الضوء هو موجة كهرومغناطيسية، وبالتالي ظهرت السرعة c في نظريته للكهرومغناطيسية. عام 1905 افترض ألبرت أينشتاين استقلال سرعة الضوء عن حركة المصدر لأي اطار عطالي وأثبت ثباتها ، واكتشف كل العواقب المتعلقة باشتقاقه نظرية النسبية الخاصة وأوضح أن c هي ثابت طبيعي ولا تنحصر فقط في سياق الضوء والظواهر الكهرومغناطيسية. بعد قرون من القياسات المتزايدة الدقة عرفت سرعة الضوء عام 1975 بكونها تساوي 299,792,458 م/ث مع ريبة في القياس تساوي 4 أجزاء بالبليون. عام 1983 تم اعادة تعريف المتر في نظام الوحدات الدولي بأنه المسافة التي يقطعها الضوء في الفراغ خلال 1/299792458 ثانية. وبالتالي قيمة c العددية بوحدة م/ث هي الآن قيمة ثابتة بالضبط نسبة إلى تعريف المتر.
لم تكن سرعة الضوء أمراً مؤكداً حتى عهد قريب، كان إمپدوقليس أول من أشار إلى محدودية سرعة الضوء، ولذلك فكان لزاماً أن يستغرق وقتاً في انتقاله. وعلى العكس من ذلك، أصر أرسطو بأن "الضوء هو تعبير عن وجود شيء ما، إلا أنه ليس بحركة".
بداية وافق الفلاسفة المسلمون المبكرون على وجهة نظر أرسطو في أن سرعة الضوء غير محدودة. إلا أنه في عام 1021، نشر الفيزيائي المسلم، ابن الهيثم، كتاب البصريات، وفيه استخدم تجارب لدعم نظرية الولوج في الإبصار، حيث ينتقل الضوء من جرم إلى العين، مستخدماً آلات مثل كاميرا اوبسكيورا (صندوق مظلم).الأمر الذي أدى بابن الهيثم لأن يقترح أن الضوء، لذلك، حتماً له سرعة محددة، وأن سرعة الضوء تتغير، إذ تنقص في الأجسام الأكثر كثافة. وقد جادل بأن الضوء هو “مادة محسوسة”، يتطلب انتشارها وقتاً "حتى لو كان مخفياً عن حواسنا".ويقال أن وصول ابن الهيثم لهذه النظريات كانت خلال الأعوام التي قضاها في السجن إبان فترة الحاكم بأمر الله في مصر. استمر هذا الجدل في أوروبا والعالم الإسلامي طوال العصور الوسطى.
في القرن الحادي عشر، وافق أبو الريحان البيروني على أن الضوء له سرعة محددة ولاحظ أن سرعة الضوء تكون أعلى من سرعة الصوت.وفي عقد 1270، أخذ ويتلو في الاعتبار احتمال أن ينتقل الضوء بسرعة غير محدودة في الفراغ وأن يبطئ في الأجسام الكثيفة. وفي تعليق على آية في ريگڤـدا في القرن الرابع عشر، من الباحث الهندي سايانا يمكن تفسيره على أنه تقدير لسرعة الضوء في اتفاق كبير مع السرعة الفعلية. وفي عام 1574، وافق الفلكي العثماني والفيزيائي تقي الدين بن معروف مع ابن الهيثم على أن سرعة الضوء ثابتة، ولكنها تتغير في الأجسام الأكثف، واقترح أن الضوء سيستغرق وقتاً طويلاً للوصول من النجوم التي تبعد ملايين الكيلومترات ليصل الأرض.
في مطلع القرن السابع عشر، آمن يوهانس كپلر أن سرعة الضوء غير محدودة لأن الفراغ ليس فيه معوقات للضوء. وجادل فرانسيس بيكون أن سرعة الضوء لم تكن بالضرورة غير محدودة، إذ أن شيئاً يمكنه السفر بسرعة أعلى من أن ندركها. وقد جادل رينيه ديكارت بأنه لو كانت سرعة الضوء محدودة، فإن الشمس والأرض والقمر سيظهرون على غير خط واحد أثناء الخسوف القمري. ولما كنا لا نشاهد عدم الإتساق هذا ، فقد استنتج ديكارت أن سرعة الضوء غير محدودة. وقد خمن ديكارت بأنه لو وُجـِد أن سرعة الضوء محدودة، فإن ذلك سيقوض كل نظام فلسفته!